قد لا يقنعكم جوعي، وحصاري، وبقايا دمائي النازفة على ترابي؛ لكنني أكره السقوط الذي تعشقونه، فليس ثمة عار أقبح من الجلوس على عرش من الخوف.
هل لديك من الوقت ما يكفي لتسمع حكايتي الأبدية التي لا أملك غيرها؟ لطالما حكيتها لك، لكنك نسيتها. إنها حكاية حلمي الكبير، وصمودي المخضب بالدماء؛ حكاية وطن اسمه "فلسطين" وعاصمته "القدس".
لست بحاجة إلى قلوبكم حين تصبح مبرمجة على الوضع "صامت" كشاشات هواتفكم النقالة.
إليك صرختي التي تحمل الكثير من المرارة والخيبة المتراكمة منذ سنين.
هل نظرت إلى المرآة هذا الصباح؟ هل تأملت تقاسيم وجهك وأنت تتثاءب؟ هل شاهدت دمائي التي تلطخ عينيك ماذا صنعت؟ أشعلت السيجارة، وماذا بعد؟ قلت: "كان الله في عونك يا غزة"! ثم ماذا؟ تثاءبت، علا شخيرك، ثم قررت أن تعلن تضامنك مع غزة!
أنا غزة، وهذا ثوبي المخضب بدماء أبنائي الشهداء وتراب أرضي الطاهر.
أنا من اختزلت الصمود في حصاري.
تمنى رابين أن يبتلعني البحر، فابتلعته الأرض.
ومات شارون حيا بحسرته، ولم يتبقَّ منه سوى عار المجازر التي ارتكبها.
أيها العرب! أدرك جيدا أن دمائي لم تعد تصدمكم، وأنكم تعودتم على منظر أشلائي الممزقة؛ لكنني مازلت أتساءل: أين أنتم؟ أين مجدكم الضائع؟ لماذا لا يستيقظ الدم العربي في عروقكم؟
كنتم فرسانا، وكنتم تنادون الحصان بسبعين اسما، وأصبحتم أشباحا وخيالا، تعيشون في الظل، وتنفقون أموالكم في شراء طائرات نفاثة وأسلحة لتخزينها.
أين العروبة، والسيوف البيض،
والخيل الضواري، والمآثر، والنسب...؟
أين الشعوب؟ وأين كهان العرب؟!
في معبد الطغيان يبتهل الجميع
ولا ترى غير العجب!
البعض منهم قد شجب
والبعض في خزي هرب
وهناك من خلع الثياب
لكل جواد وهب..
في ساحة الشيطان
نقرأ "سورة" الدولار!
يسعى الناس أفواجاً
إلى مسرى الغنائم والذهب
والناس تسأل عن بقايا أمة تدعى "العرب"!
كانت تعيش من المحيط إلى الخليج
ولم يعد
في الكون شيء من مآثر أهلها
ولكل مأساة سبب
باعوا الخيول..
وقايضوا الفرسان في سوق الخُطب
فليسقط التاريخ.. ولتحيا الخُطب!!